بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
اطلعت على ما ذكره صالح الراجحي وياسر قاضي وما نسباه إلى أهل العلم من القول بالقراءة بالمعنى أو الرخصة الإلهية ووجدت في ذلك اضطرابًا، واخراجًا للكلام عن سياقه، فكتبت هذه الصفحات في الذب عن أهل العلم من هذا الاتهام الشنيع. وإن كانت المقالة السابقة تعرضت لتعريفات العلماء للأحرف السبعة بشكل عام، وفيها بيان عدم علمهم بهذا الرأي الفاسد، إلا أن نرد بالمفصل أشفى للقلوب التي شربت تلك الشبهات.
وقبل الشروع في ذكر ما نُسب إليهم، أود أن أنبه القارئ إلى ما توصل إليه الراجحي وما فيه من المفاسد لكي يُعلم أنه ليست مجرد نظرية تُقبل أو تُرد، بل كلامه طعن في المسلمات التي تلزم وتشكيك في حفظ القرآن ونفي إعجازه.
ومن أراد الاطلاع على مفاسد نظرية ياسر قاضي، فليرجع إلى مقالتنا في حقيقة الرخصة الإلهية.
قال الراجحي شارحًا لحديث الأحرف السبعة: (إن الصحابة رضي الله عنهم فهموا منه فورًا التسهيل والتهوين، وأنه رخصة مفتوحة للناس أن يقرؤوا بلهجاتهم وطرائقهم غير متقيدين بالحرف الذي نزل به القرآن، ولذلك فهموه دون سؤال أو استفهام، ولم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن المعنى والمراد، ولم يفهموا أن جبريل جاء بكل تلك الأحرف، ولذلك لم يقولوا أين هذه الأحرف نريد أن نتعلمها، ولم يسألوا أو يبحثوا عنها، ولم يولوها اهتمامًا كبيرًا.)[1]
وقال شارحًا لهذه الرخصة: (فوجد من جراء هذه الرخصة أنواع من الاختلاف في الألفاظ والمترادفات، والاختلاف في الإعراب، وفي الحروف، والإفراد والتثنية والجمع، والتقديم والتأخير، والزيادة والنقصان، والتذكير والتأنيث، وتصريف الأفعال وغير ذلك.)[2]
قلت: ولا أدري كيف تكون بعض هذه الأصناف من الاختلافات مرادفات…
ولا حاجة لنا لذكر أمثلة منها إذ أن الراجحي يقر بنفسه أن الصحابة قرأوا بقراءات مختلفة في المعنى.
فيقر بأن الآيات التالية مختلفة في المعنى: (لا تُسأل) و(لا تَسأل) [البقرة: 119]، و(تَعْلَمون) و(تُعَلِّمون) [آل عمران: 79]، و(بُشرًا) و(نشرًا) [الأعراف: 57]، و(كُذِبوا) و(كُذِّبوا) [يوسف: 110]، و(مفرَطون) و(مفرِطون) و(مفرِّطون) [النحل: 62]، و(نَتَّخذ) و(نُتَخذ) [الفرقان: 18]، و(سرجًا) و(سراجًا) [الفرقان: 61]، (للعالَمين) و(للعاملِين) [الروم: 22]، (رَبَّنا بَاعِد) و(ربُنا باعَد) [سبأ: 19]، و(عَجِبتَ) و(عَجِبْتُ) [الصافات: 12]، و(عباد الرحمن) و(عند الرحمن) [الزحرف: 19]، (عذابَه) و(وثاقَه) و(عذابُه) و(وثاقُه) [الفجر: 26].[3]
وللأسف الشديد يقر الراجحي أيضًا بأنّا لا نستطيع أن نميّز بين القراءة المنزلة وقراءات الرخصة،[4] فلا أدري كيف يستطيع أن يتبنى القول بحفظ القرآن بعد ذلك.
وحاول الراجحي أن يقلل من حجم هذه المصيبة بقوله أن هذه الاختلافات في المعنى قليلة، وليست كذلك حقيقة، فهي بالمئات، ويعلم ذلك من له عناية بكتب توجيه القراءات.
ولكي يصل إلى هذه النتيجة، تجاهل الفروقات الواضحة في أمثلة عديدة، فنجده مثلًا يقول أن (مالك) و(ملك) في الفاتحة ملتقيان في المعنى.[5] ولا أدري كيف يستقيم لمسلم أن يظن أن رخصة القراءة بالمترادفات – على حد زعم الراجحي – يشمل إستبدال هذه الكلمات.
ولبعض أهل العلم كلام في استنكار استبدال الألفاظ بالمترادفات من باب التشهي وأنها تُذهب بإعجاز القرآن، فيقول ابن الأنباري ضاربًا بالفاتحة كمثال على ذلك: (لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن إذا قاربت معانيها واشتملت على عامتها لجاز أن يقرأ في موضع “الحمد لله رب العالمين”: الشكر للباري ملك المخلوقين، ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل لفظ جميع القرآن، ويكون التالي له مفتريًا على الله عز وجل، كاذبًا على رسوله صلى الله عليه وسلم.) وقال ابن عطية: (ولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن، وكان معرضًا أن يبدل هذا وهذا حتى يكون غير الذي نزل من عند الله.)
فرد الراجحي قائلًا: (والحقيقة أن هذا الذي قاله الأنباري وابن عطية لا يتصور ولا يمكن حصوله، وقد غاب عنهما حقيقة مهمة جدًا، وهي أن القرآن كان يكتب بعد نزوله مباشرة، فهو محفوظ بتلك الكتابة، ولم يختلط بغيره من القراءات القائمة على مجرد الترخص، وهذا الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابته جمع في عهد أبي بكر، ثم انتقل إلى عمر، ثم إلى حفصة بنت عمر، ومنها أخذت فنسخت المصاحف العثمانية، فلم يختلط بها شيء ليس مكتوبًا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.)[6]
قلت: يُفهم من ذلك أن الرسم العثماني منع تبديل الألفاظ بالتشهي، ولكن الراجحي أقر فيما سابق بأن هناك كلمات استبدلت واختلفت معانيها وإن كانت داخلة في الرسم العثماني، وأنه لا سبيل لمعرفتنا بالمنزل منها.
وهذه المقدمة المختصرة كافية لبيان فساد قول الراجحي، إذ كان يؤدي لضياع كلام الله تعالى وانتفاء إعجاز كتابه. وهذا الكلام وما شابهه عُرف به أهل الاستشراق، فمن المؤسف أن نراه مرفوعًا في المنتديات الإسلامية في صورة نظرية مقبولة للأخذ والرد.
أقوال أهل العلم المتعارضة
ذكر الراجحي مجموعة من العلماء ممن زعم أنهم قالوا بالقراءة بالمعنى وقسّم الفصل إلى سبعة عشر نقطة، مبتدئا بزعمه أن الصحابة أجمعوا على ذلك ومنتهيًا ببعض المعاصرين. وقبل نقض هذه الافتراءات بالترتيب، أود الإشارة إلى النقطة السابعة والثامنة وهي تتضمن موقف ابن حجر وابن الجزري تجاه هذه النظريات لكي يعلم القارئ حقيقة هذه النقولات ولكي يقاس عليها غيرها.
فنقل من ابن الجزري مؤيدًا هذه النظرية التالي: (اجتمعت الأمة المعصومة من الخطأ على ما تضمنته هذه المصاحف وترك ما خالفها من زيادة ونقص وإبدال كلمة بأخرى مما كان مأذونًا فيه توسعة عليهم ولم يثبت عندهم ثبوتًا مستفيضًا أنه من القرآن.)[7]
قلت: وأراد الراجحي بقوله: (مأذونًا فيه توسعة عليهم) أن ما كان مأذونًا لم يكن مما قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يقر الراجحي بالآتي: (وابن الجزري وإن كان له أقوال مشهورة تخالف هذا القول إلا أنه هنا صرح بكل وضوح بهذا القول الموافق لما عليه الأولون).[8]
وعند الرجوع إلى كلام ابن الجزري نجده يتكلم عن هذه الرخصة فيقول: (قال الإمام أبو محمد عبد الله بن قتيبة في كتاب “المشكل”: فكان من تيسير الله تعالى أن أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يقرئ كل أمة بلغتهم وما جرى عليه عادتهم فالهذلي يقرأ (عتى حين) يريد (حتى) هكذا يلفظ بها ويستعملها، والأسدي يقرأ (تِعلمون، وتِعلم، وتِسود وجوه، وإلم إعهد إليكم)، والتميمي يهمز والقرشي لا يهمز، والآخر يقرأ (قيل لهم، وغيض الماء) بإشمام الضم مع الكسر و(بضاعتنا ردت) بإشمام الكسر مع الضم، و(مالك لا تأمنا) بإشمام الضم مع الإدغام، قلت: وهذا يقرأ (عليهم وفيهم) بالضم والآخر يقرأ (عليهمو ومنهمو) بالصلة…)[9]
قلت: وهذا صريح في أن ابن الجزري يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بجميع الأحرف، فأخذها عنه الصحابة. والجمع بين القولين سهل، فابن الجزري يرى أن الإذن المذكور لا يعني جواز القراءة بالتشهي، ولكن يقصد بالإذن السماح بالقراءة بالأحرف الأخرى. ولا أدري كيف يسمح الراجحي نفسه أن يضع ابن الجزري في قائمة القائلين بالقراءة بالمعنى من أجل هذا النص المحتمل للتأويل، خاصة مع وجود ما يكشف عن قصده منه.
ويكفي وصف ابن الجزري جميع ما كتب عثمان رضي الله عنه بأنه قرآن، فهذا يشمل الفروقات الموجودة في المصاحف التي أرسلها إلى الأمصار، فيدل ذلك على أنه يرى أن الله تعالى أنزل أكثر من قراءة.
وأما بالنسبة لابن حجر، فنجد الراجحي ينقل عنه ما يؤيد نظريته: (لكن ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعًا له، ومن ثم أنكر عمر على ابن مسعود قراءته (عتى حين) أي (حتى حين) وكتب إليه إن القرآن لم ينزل بلغة هذيل فأقرئ الناس بلغة قريش ولا تقرئهم بلغة هذيل.)[10]
ونقل أيضًا عن ابن حجر قولًا مخالفًا: (وتتمة ذلك أن يقال: إن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي أي أن كل أحد يغير الكلمة بمرادفها في لغته بل المراعى في ذلك السماع من النبي صلى الله عليه وسلم.) [11]
قلت: ولا حاجة لنا للجمع بين هذين القولين فابن حجر ما أراد أن يثبت أن الصحابة قرأوا بالتشهي فعلًا، ولكن قصد بذلك أن هذا ما يُفهم من النص لو لم يوّجه. ثم نقل بعد ذلك أقوال أهل العلم ليبين عدم صواب هذا الاستنتاج.
فنقل عن ابن عبد البر قوله: (يحتمل أن يكون هذا من عمر على سبيل الاختيار، لا أن الذي قرأ به ابن مسعود لا يجوز، قال: وإذا أبيحت قراءته على سبعة أوجه أنزلت جاز الاختيار فيما أنزل، قال أبو شامة: ويحتمل أن يكون مراد عمر ثم عثمان بقولهما: “نزل بلسان قريش” أن ذلك كان أول نزوله، ثم إن الله تعالى سهله على الناس فجوز لهم أن يقرؤوه على لغاتهم على أن لا يخرج ذلك عن لغات العرب لكونه بلسان عربي مبين فأما من أراد قراءته من غير العرب فالاختيار له أن يقرأه بلسان قريش لأنه الأولى، وعلى هذا يحمل ما كتب به عمر إلى ابن مسعود لأن جميع اللغات بالنسبة لغير العربي مستوية في التعبير، فإذا لا بد من واحدة، فلتكن بلغة النبي صلى الله عليه وسلم، وأما العربي فمجبول على لغته فلو كلف قراءته بلغة قريش لعسر عليه التحول مع إباحة الله له أن يقرأه بلغته.)[12]
قلت: يُفهم من كلامه أن ابن مسعود سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن من باب التشهي وأن نهي عمر له لم يكن من أجل عدم سماعه.
ولابن حجر أقوال أخرى تدل على مخالفة نظرية القراءة بالمعنى، كقوله: (وكان سبب اختلاف قراءتهما أن عمر حفظ هذه السورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قديمًا ثم لم يسمع ما نزل فيها بخلاف ما حفظه وشاهده، ولأن هشامًا من مسلمة الفتح فكان النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه على ما نزل أخيرًا فنشأ اختلافهما من ذلك.)[13]
ولابن حجر كلام يدل على أن عرضات جبريل تحتوي على أحرف مختلفة وهذا يكفي في إثبات أن القراءة لم تكن بالتشهي في نظره.[14]
وقبل الانتقال إلى الفصل التالي أشير إلى أن الراجحي شديد التسرع في نسبة القول بالقراءة بالمعنى إلى أهل العلم كما ترى، حتى مع وجود ما يعارض ذلك منهم مع إقراره بذلك، ويُستفاد أيضًا أن وصف أهل العلم القراءات بالـ(رخصة) أو بالـ(مأذونة) أو ما شابهها من العبارات لا تدل على قولهم بأن القراءة كانت بالتشهي، والمطلوب ممن ينسب ذلك إليهم النص الصريح الذي لا يحتمل التأويل.
الصحابة
ادعى الراجحي أن الصحابة أجمعوا على القراءة بالمترادفات، وهذا غريب مع وقوف الراجحي على الأثر الذي ذكره ابن حجر والذي استدل به الراجحي لترجيح القراءة بالتشهي، وأقصد بذلك الأثر الذي استنكر فيه عمر على ابن مسعود. فلو سلمنا للراجحي أن ابن مسعود قرأها من غير سماع، دل ذلك على أن عمر لا يرضى بذلك، فكيف يدعي الإجماع مع معارضة عمر؟!
واستدل الراجحي على قوله بأن المسألة اتفق عليها الصحابة بقوله: (إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، نعم لم ينصوا عليه بأقوالهم، لكن نصوا عليه بأفعالهم، فاتفاقهم على توحيد القراءة ونفي كل ما خالف المصحف دليل صريح على أنهم يعتقدون ذلك، وهذا أبلغ من أن ينص عليه بعضهم القول.)
قلت: والرد على هذا الكلام بالتفصيل تجده في مقالتي التي تحدثت فيها عن الرسم العثماني.
أقوال أهل العلم
نقل الراجحي مجموعة من أقوال المتقدمين حاول أن يسند إليهم القول بنظريته، وذكر منهم يحيى بن سعيد القطان والشافعي والزهري وأبا عوانة ومالكًا.[15]
الزهري (124هـ)
قال الزهري عندما سئل عن التقديم والتأخير في الحديث: (إن هذا يجوز في القرآن فكيف في الحديث.)
قلت: وهذا قريب مما ورد عن يحيى بن سعيد القطان، ويقصد به الزهري أن الله تعالى أنزل القرآن ورخص التقديم والتأخير في مواضع قليلة، منها: (وجاءت سكرة الموت بالحق) و(وجاءت سكرة الحق بالموت) [الفرقان: 19]، فيجوز في رأيه رواية الحديث مع التقديم والتأخير إن لم يخل ذلك بالمعنى.
والتقديم والتأخير لو ثبت بالتشهي لوجدنا المئات من الأمثلة منها في قراءات الصحابة والتابعين، ولا يكاد يصح منها شيء، فدل ذلك على أن التقديم والتأخير ما كان إلا بالسماع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكلام الزهري واضح أنه جوّز استبدال الألفاظ إذا أُصيب المعنى في الحديث فقط، ولم يذكر جواز ذلك في القرآن.
مالك (179هـ)
قال مالك عندما سُئل عن قراءة عمر (فامضوا إلى ذكر الله): ذلك جائز لا أرى باختلافهم في مثل هذا بأسًا.[16]
قلت: قد قرأها أُبي وابن عمر وعبد الله بن مسعود، فالظاهر أنها من الأحرف المنزلة، ونقل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود: (لو كانت (فاسعوا) لسعيت حتى سقط ردائي)،[17] فابن مسعود لم يقر بقراءة (فاسعوا).
وسئل مالك عن قراءة عبد الله (إن شجرة الزقوم طعام الفاجر): أترى أن يقرأ كذلك؟ قال: نعم أرى ذلك واسعًا.[18]
قلت: وهذا كالذي سبقه، فهناك من قال بأن هذا اللفظ منزل كالباقلاني.[19] والذي حملهم على ذلك فيما يبدو وجود روايات أخرى صحيحة عن أبي الدرداء بمثل هذا المعنى، فيها قراءته بـ(طعام الفاجر)،[20] فدل ذلك عندهم على ثبوت القراءة عن أكثر من صحابي، فيبعد كونه مما قُرئ بالمعنى.
ومذهب الإمام مالك في القراءة معروف، وهو أن القراءة بالتلقي وإن لم يختلف في ذلك المعنى، فقيل له: (لم قرأتم في ص (وليْ نعجة واحدة) [ص: 23] موقوفة الياء، وقرأتم في قل يا أيها الكافرون (وليَ) [الكافرون: 6]، فقال: يا أهل الكوفة لم يبق لكم من العلم إلا كيف ولم، القراءة سنة تؤخذ من أفواه الرجال، فكن متبعًا ولا تكن مبتدعًا.)
وقيل له أيضًا: (كيف قرأتم في سورة سليمان (ما ليْ لا أرى الهدهد) [النمل: 20] مرسلة الياء، وقرأتم في سورة يس (وما ليَ لا أعبد) [يس: 22] منتصبة الياء؟ قال: فذكر مالك كلامًا ثم قال: لا تدخل على كلام ربنا لم وكيف، وإنما هو سماع وتلقين، أصاغر عن أكابر، والسلام.) [21]
فهذا مذهب مالك في القراءة، وأما مذهبه في معنى الأحرف السبعة فالمقصود بها الاختلاف الواقع في القرآن من سبعة أوجه: الجمع والتوحيد، والتذكير والتأنيث، والإعراب، والتصريف، والأدوات التي يتغير الإعراب لتغيرها، واللغات كالهمز وتركه والفتح والكسر والإمالة والفتخيم، وتغيير اللفظ والنقط بإتفاق الخط، هذا ما نسبه إليه شيخ القراء أبو العلاء الهمداني.[22]
يحيى بن سعيد القطان (198هـ)
قال يحيى بن سعيد: (القرآن أعظم حرمة ووسع أن يقرأ على وجوه إذا كان المعنى واحد.)
أخرجه الخطيب في الكفاية، وهذا الكلام ذكره في باب ذكر من كان يذهب إلى إجازة الرواية على المعنى – أي: رواية الحديث. ثم روى عن يحيى ردة فعله عندما وجد من يتشكك في ألفاظ الحديث، فقال: (ليس في يد الناس أشرف ولا أجل من كتاب الله تعالى، وقد رخص فيه على سبعة أحرف.)[23]
قلت: يريد يحيى أن كثير من القراءات نزلت بمعنى واحد، وهذا صحيح. فالقراءات التي لها اختلافات تأثر على المعنى تبلغ ما يقارب أربعمائة وخمسة عشر،[24] ولكن القراءات التي تتعلق باختلاف اللهجات أكثر منها. وإذا علمنا ذلك فهمنا أن يحيى يقصد أن كثير من القراءات نزلت بمعنى واحد، ولا يقصد كلها، وأن الله تعالى أذن للناس القراءة بذلك، فمن الأولى رواية الحديث بالمعنى.
ولعل القارئ يتأمل في تبويب المتقدمين لمسائل رواية الحديث بالمعنى واللفظ والاختلاف في ذلك، فهذا معروف فيهم، ولكن لا نجدهم يخوضون في رواية القرآن بالمعنى والتشهي في القراءة إذ لا يُعرف هذا القول في أحد منهم.
الشافعي (204هـ)
قال الشافعي: (أنزل الله كتابه على سبعة أحرف معرفة منه بأن الحفظ قد يزل ليحل لهم قراءته وإن اختلف اللفظ فيه ما لم يكن في اختلافهم إحالة معنى.)
قلت: ما ذكره الشافعي قريب مما قاله يحيى بن سعيد، فراجعه، إلا أن كلامه كان في سياق ذكره لاختلاف الصحابة في التشهد، فذكر القراءات لكي يقرب للقارئ فكرة اختلاف الناس في ألفاظهم المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره في موضعين، في كتاب الرسالة وكتاب اختلاف الحديث، كلاهما في أثناء الكلام عن التشهد. فالشافعي ليس له فصل في كتاب من كتبه يتكلم فيه عن القراءة بالمعنى.
وعندما ذكر اختلاف الصحابة في صيغة التشهد، قال: (واحتمل أن تكون كلها ثابتة، وأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الجماعة والمنفردين التشهد، فيحفظ أحدهم على لفظ ويحفظ الآخر على لفظ يخالفه.)[25]
قلت: وهذا ما وقع في القراءات، فيستشهد الشافعي بحديث عمر وهشام بن حكيم رضي الله عنهما، فأقر القراءتين ووصفهما بأنهما منزلتان.[26]
ويقول الشافعي أيضًا: (وليس لأحد أن يعمد أن يكف عن قراءة حرف من القرآن إلا بنسيان، وهذا في التشهد وفي جميع الذكر أخف.)[27]
وتشبيه الشافعي القراءة بالقرآن ورد من الصحابة من قبله وقد رواه الشافعي بإسناده عن ابن عباس أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن.)[28]
وقد ذكر الأسود أن عبد الله بن مسعود كان يعلمهم التشهد (كما يعلمنا السورة من القرآن، يأخذ علينا الألف والواو.)[29]
وموقف الشافعي من التشهد هو كموقف أحمد إلا أنهما اختلفا في الاختيار، فكان الشافعي قال بتشهد ابن عباس بينما اختار أحمد تشهد عبد الله. قال أحمد: (تشهد عبد الله أعجب إلي، وإن تشهد بغيره فهو جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علمه مختلفًا دل على جواز الجميع، كالقراءات المختلفة التي اشتمل عليها المصحف.)[30]
وأضيف أيضًا أن للشافعي رحمه الله شرط في رواية الحديث بالمعنى: (إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام.)[31]
قلت: فهل يُعقل أن الشافعي يسمح للعوام، وهم الذين نزلت الأحرف السبعة تسهيلًا لهم، أن يقرأوا القرآن بالمعنى وهو يمنع ذلك في الحديث؟
وفضلًا عن ذلك، فإن القراءة بالمعنى لا تتوافق مع آراء الإمام الشافعي بأن القرآن غير مخلوق. ناظر الشافعي خصومه في هذه المسألة، بل إن له تصريحات يكفر فيها من يزعم ذلك.[32] فإن مثل هذا الاعتقاد لا يمكن التوفيق بينه وبين اعتقاد الراجحي بأنه حتى الكلمات البشرية المخلوقة التي تم تقديمها من خلال القراءة بالمعنى تعتبر قرآنًا. ومن المستحيل أن يعتقد الشافعي وأي عالم آخر من علماء أهل السنة أن القراءات الاجتهادية مع إدراج مرادفاتها يمكن أن تُعتبر غير مخلوقة لأن ذلك يؤدي إلى تشبيه كلامهم بكلام الله تعالى من حيث أزليته.
ويضاف على جميع ذلك أن الشافعي كان يعتبر القراءة الشاذة قرآنًا، قال معلقًا على قراءة (لقبل عدتهن): (فبينٌ – والله أعلم – في كتاب الله عز وجل بدلالة سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن والسنة في المرأة المدخول بها التي تحيض دون من سواها من المطلقات: أن تطلق لقبل عدتها.)[33]
ولا زلت متعجبًا ممن نسب هذا القول إلى الشافعي وغفل عنه كبار الشافعية كابن حبان السيوطي عندما سردوا أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة.
تنبيه: أقر ياسر قاضي بصحة ما نقلنا من كتاب اختلاف الحديث بأن الشافعي يرى أن القراءة كانت بالتلقي، لا بالمعنى. ولكنه لا يرى الحاجة للتوفيق بين كلام الشافعي في الرسالة وكتاب اختلاف الحديث.
قال: (فبدلًا من محاولة فرض تناسق بين مقطعين متناقضين بشكلٍ واضح من مواضع مختلفة في العمل، يمكن القول بأنّ آراء الشافعي حول التشهُّد تغيّرت على مرّ الزمن.)
قلت: وهذا بعيد، إذ ليس للشافعي كلام مبهم يحتج به أهل هذه المقالة إلا كلامه في التشهد، فكلامه في كتاب اختلاف الحديث يشرح ما سطره في الرسالة، فلا حاجة لادعاء التناقض. ويستبعد أيضًا تناقض الشافعي في هذه المسألة الخطيرة بهذه السهولة، خاصة وهو من أعلام القرن الثاني الذين عاصروا كبار القراء.
وكلام الشافعي في نهاية الفصل في الرسالة يدل على صحة ورود أكثر من لفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث نجده يقول عندما اختار ألفاظ ابن عباس في قراءته للتشهد: (لما رأيته واسعًا، وسمعته عن ابن عباس صحيحًا، كان عندي أجمع وأكثر لفظًا من غيره، فأخذت به، غير معنف لمن أخذ بغيره مما ثبت عن رسول الله.) [34]
ثم قال ياسر قاضي: (لا يمكن رفض كلام الشافعي حول الأحرف بسهولة لأنه يربط صراحةً رخصة الأحرف بالنسيان؛ لأنّه قال: (فإذا كان الله لرأفته بخلقِه أنزل كتابه على سبعة أحرف؛ معرفةً منه بأنّ الحفظ قد يَزِلُّ، لِيُحِلَّ لهم قراءته وإن اختلف اللفظ فيه، ما لم يكن في اختلافهم إحالة معنى.))
قلت: وهذا ليس صريح في أن (الأحرف السبعة) رخصة للنسيان، وغاية ما فيه أن الألفاظ المتعددة المختلفة تسهل الحفظ، خاصة إذا كان ذلك موافقًا للهجة القارئ.
ابن قتيبة (276هـ)
نقل ياسر قاضي كلام ابن قتيبة الآتي: (فإن قال قائل: فهل يجوز لنا أن نقرأ بجميع هذه الوجوه؟ قيل له: كلّ ما كان منها موافقًا لمصحفنا غير خارج من رسم كتابه؛ جاز لنا أن نقرأ به. وليس لنا ذلك فيما خالفه؛ لأن المتقدِّمين من الصحابة والتابعين، قرؤوا بلغاتهم، وجَرَوا على عادتهم، وخلّوا أنفسهم وسَوم طبائعهم، فكان ذلك جائزًا لهم، ولقومٍ من القرّاء بعدهم مأمونين على التنزيل، عارفين بالتأويل، فأمّا نحن معشر المتكلِّفين، فقد جمعنا اللهُ بحسن اختيار السّلف لنا على مصحف هو آخر العرض، وليس لنا أن نعدوه، كما كان لهم أن يفسّروه، وليس لنا أن نفسّره.)
ثم قال معلقًا عليه: (فكان ابن قتيبة يسمح للأجيال الأُولى بما لا يسمح به لجيله والأجيال التي تليه: وذلك للقدرة على التلاوة بشكل تلقائي طبيعي مع فهم جيد للغة مع التعبير عن المعاني حتى وإن استخدم المرء كلمات أخرى.)
قلت: إن كان يريد ياسر قاضي بهذا الكلام أن ابن قتيبة يقول بأن الصحابة والتابعين قرأوا بالمعنى من غير سماع، فهذا غير موجود في كلامه، بل يقول في ص63: (وكل هذه الحروف كلام الله تعالى، نزل به الروح الأمين، على رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه كان يعارضه في كل شهر من شهور رمضان، بما اجتمع عنده من القرآن، فيحدث الله إليه من ذلك ما يشاء، وينسخ ما يشاء، وييسر على عباده ما شاء، فكان من تيسيره: أن أمره بأن يُقرئ كل قوم بلغتهم وما جرت عليه عادتهم.)
إسماعيل القاضي (282هـ)
حكى ياسر قاضي عن أبي إسحاق إسماعيل الجهضمي القاضي من كتابه أحكام القرآن: ذكر في تلك الرسالة أنّ عمر بن الخطاب كان يقرأ: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ ]الجمعة: 9[، كـ﴿فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ . وعلّق على ذلك: (قراءة: ﴿فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ غير منكَر لتقارب المعنى فيها وفي قراءة مَن قرأ: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾، وقد كانوا قبل أن يُجمَع الناس على مصحف واحد يختلف بعض القارئين في هذا وفيما أشبه غير أن المعاني تتقارب، وقد رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فوُسِّع على الناس في اختلافهم بعض الألفاظ إذا تقاربت المعاني، فلمّا جُمع الناس على مصحف واحد كانت القراءة على ذلك اللفظ(.
قلت: التوسعة في القراءة كما قال أبو إسحاق لا يعني القراءة بالمرادف من قِبَل القارئ، فـقراءة (فامضوا) و(فاسعوا) متقاربان في المعنى في حقيقة الحال، وظاهر روايات الباب أنهما من الألفاظ التي قرأ بهما النبي صلى الله عليه سلم، فقد روى أبو إسحاق هذه القراءة عن عمر وأُبي وابن مسعود وابن الزبير رضي الله عنهم[35] أنهم قرأوا (فامضوا). فهل يُظن أنهم جميعًا أخطأوا أو أنهم أرادوا مخالفة ما سمعوه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ أو هل في قول أحدهم (فامضوا) تسهيلًا لصعوبة القراءة بـ(فاسعوا)؟ نعم، اتفاق جماعة من كبار الصحابة على هذه القراءة يدل على أنها منزلة واتفاق عثمان وزيد رضي الله عنهما وباقي اللجنة على (فاسعوا) يدل على أنها منزلة أيضًا.
ويدل ما ذهبنا إليه أن أبا إسحاق القاضي يشترط اليقين في القراءة ويرد القراءات الشاذة المخالفة للمصحف إذ لا نستطيع القطع بصحته. قال: (وكذلك ما روي من قراءة ابن مسعود وغيره، ليس ينبغي لأحد أن يقرأ اليوم به… لأن الناس لا يعلمون أنها قراءة عبد الله، وإنما هي شيء يرويه بعض من يحمل الحديث… فلا يجوز أن يعدل عن اليقين إلى ما لا يعرف بعينه.)[36]
قلت: والمقصود باليقين أنه يكون يقينًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا أن القراءة كانت بالتشهي من قِبَل الصحابة، إذ لا معنى لمعرفة قراءتهم يقينًا لو كانت أصلًا من باب التشهي والخطأ والنسيان.
أبو عوانة (316هـ)
بوب أبو عوانة بعنوان: (باب بيان السعة في قراءة القرآن إذا لم يخل المعنى ولم يختلف في الحلال والحرام وأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي بكل حرف مسألة يسألها.)
قلت: ثم ذكر أبو عوانة أحاديث تدل على تبويبه، فذكر عن الزهري قوله: (بلغني أن تلك السبعة أحرف إنما يكون في الأمر الذي يكون واحدًا لا يختلف في الحلال والحرام)،[37] فهذا مقصده بقوله: (إذا لم يخل بالمعنى ولم يختلف في الحلال والحرام).
وروى من حديث أُبي أن الله تعالى أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن: (اقرأ على سبعة أحرف، ولك بكل ردة مسألة تسألنيها)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الرابعة إلى يوم يحتاج إليّ فيه الخلق حتى إبراهيم صلى الله عليه وسلم.)[38]
ولكن هل فهم أبو عوانة أن هذه الرخصة على إطلاقه وأنه يجوز القراءة بالمترادفات من غير سماع؟ وإن الرجوع إلى أحاديث الباب تدل على أن القراءة لم تكن إلا من النبي صلى الله عليه وسلم، فنجده ينقل من هشام بن حكيم أنه قال: (أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فرد عليه عمر: (كذبت، فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أقرأني هذا السورة التي سمعتك تقرأها.)[39]
وروى أيضًا حديث أُبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتي جبريل النبي صلى الله عليه وسلم هو بأضاة بني غفار، فقال: إن الله يأمرك أن تُقرئ أمتك القرآن على حرف… إن ربك يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين… إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف… إن الله يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف)،[40] فثبت بذلك أن القراءة كانت بالتلقي.
وليس في الباب ما يدل على أن القراءة كانت بالتشهي إلا حديث أنس الذي فيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أملى على كاتب (سميعًا عليمًا) فكتب (سميعًا بصيرًا) أو أملى عليه (عليمًا حكيمًا( فكتب (عليمًا حليمًا) قال: دعه.)
قلت: وهذا الحديث لا يعارض الذي قبله، فيجوز أن تكون الآية نزلت بالقراءتين: (عليمًا حكيمًا) و(عليمًا حليمًا)، فكتب الكاتب بما شاء، ولا علاقة لهذا بالقراءة بالمعنى إذ ليس (حكيمًا) و(حليمًا) في معنى سواء.
وهذا موقف جماعة من أهل العلم باتجاه هذا الحديث كالزهري والطبري والبيهقي وقوام السنة والقاضي عياض وابن تيمية وابن بلبان،[41] فمجرد ذكر أبو عوانة للحديث في الفصل لا يدل على قبوله للقراءة بالمعنى.
الطحاوي (321هـ)
راجع مقالتنا في موقف الطحاوي من الأحرف السبعة.
ابن شنبوذ (328هـ) وابن مقسم (354هـ)
قال ياسر قاضي: يجب أن نتذكر بشكلٍ خاصّ ما حدث لابن شنبوذ وابن مقسم: فقد حاوَلَا الدفاع عن وجهات نظرهما (التي تنبع بوضوح من نموذج الرخصة الإلهية)، وادّعوا أن العلماء السابقين كانوا على رأيهم، ومع ذلك نجح ابن مقلة في إسكاتهم وإسكات غيرهم، إمّا بالعقوبات والتعذيب الفعلي أو بالتهديد به. ا.ه.
قلت: الذي يهمنا في هذا الكلام قول ياسر قاضي: (التي تنبع بوضوح من نموذج الرخصة الإلهية) وقوله: (وادعوا أن العلماء السابقين كانوا على رأيهم).
فأقول أولًا، الجملة الأولى إعتراف ضمني بأنهما ما قالا بالرخصة الإلهية. فكان ابن شنبوذ يقرأ ما يخالف المصحف إذا صح سنده عن أحد الصحابة. وغاية ما يكون هذا هو التساهل في قبول القراءة، فعوقب لذلك، مع أنه لا شك أن السلف قرأوا ما خالف مصحف في أول الأمر. وقراءة ابن شنبوذ بقراءات الصحابة المخالفة للمصحف لا علاقة له بالرخصة الإلهية والقراءة بالتلقي.[42]
وأما ابن مقسم، فقرأ بما وافق المصحف وجاء ببدعة منكرة، حيث جوّز القراءة بكل ما صح لغة وإن لم يُسند إلى القراء. فهذا لا يدخل في التلقي أو النسيان، وليس من شرطه الإتيان بالمعاني القريبة للمتعارف من القراءة، ولم يدعِ ابن مقسم أن هذا مما فعله السابقين ولو حاول أن يُسنده إلى من سبق من القراء لما استطاع.[43]
طائفة ذكرها ابن خالويه (370هـ)
قال الراجحي: (ذكر ابن خالويه في كتابه “إعراب القراءات السبع وعللها” (1/18) أن طائفة قالت: نزل القرآن بلغة قريش، وبحرف واحد ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم تسهيلًا على أمته أن يقرأ كل قوم بلغتهم.)[44]
قلت: ليس في هذا ما يدل على القراءة بالتشهي من تلقاء نفس القارئ بل سياق الكلام يدل على النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يقرئهم بلغتهم، فالذي ذكره ابن خالويه هو في الرد على السؤال التالي: (فإن سأل سائل، فقال: أهذه الحروف نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الاختلاف والوجوه، أم نزلت بحرف واحد، قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم باللغات؟)[45]
قلت: فيُفهم من هذا أن ابن خالويه يقصد أن القول الثاني كان بالتلقي أيضًا إلا أنه ليس بمنزل.
أبو الليث السمرقندي (375هـ)
نقل الراجحي ما ذكره الزركشي في البرهان عن أبي الليث السمرقندي من غير الرجوع إلى كتابه، والذي فيه التالي: (اختلف الناس في الآيات التي قرأت بقراءتين، وقال بعضهم: إن الله عز وجل قال بهما جميعًا، والذي صح عندنا والله أعلم أنه لو كان لكل قراءة تفسير بخلاف تفسير قراءة أخرى فقال بهما جميعًا فصارت قراءتين بمنزلة آيتين، مثل قوله تعالى: (ولا تقربوهن حتى يطهرن) [البقرة: 222]، فمعنى الأول حتى ينقطع دمهن ومعنى الثاني حتى يغتسلن، وكذلك كل ما كان على نحو هذا، وأما إذا كانت القراءتان تفسيرهما واحد، وهو مثل البِيوت والبُيوت والمحصَنات والمحصِنات بالنصب والخفض فإنما قال بإحداهما وأجازنا القراءة بهما لكل قبيلة على ما تعود لسانهم.)[46]
قلت: ليس في كلام أبي الليث ما يدل على أنه يرى أن الصحابة قرأوا بالتشهي، ولكن الكلام يدور حول ما قال به الله تبارك وتعالى. فظاهر كلامه أنه تعالى قرأ بواحدة وأجاز القراءة بالقراءة الأخرى.
وقال السمرقندي شارحًا لاختلاف القراء في آية الوضوء: (إن كان لكل قراءة معنى غير المعنى الآخر، فإن الله تعالى قال بهما جميعًا، وصارت القراءتان بمنزلة الآيتين، وإن كانت القراءتان معناها واحد، فالله تعالى قال بإحداهما، ولكنه رخص بأن يقرأ بهما جميعًا.)[47]
ابن جني (392هـ)
قال الراجحي: (استدل أبو الفتح ابن جني في “المحتسب” بالقراءات الواردة عن أنس رضي الله عنه على جواز القراءة بالمرادف ولو لم يكن مسموعًا.
فذكر ما ورد عن أنس رضي الله عنه أنه يقرأ: “لولوا إليه وهم يجمزون”، قيل له: وما يجمزون؟ إنما هي “يجمحون”، فقال: يجمحون ويجمزون ويشتدون واحد.
قال أبو الفتح في “المحتسب” (1/295): ظاهر هذا أن السلف كانوا يقرءون الحرف مكان نظيره من غير أن تتقدم القراءة بذلك، لكنه لموافقته صاحبه في المعنى.)
قلت: مع كونه ظاهر الرواية – ولم تصح أصلًا – إلا أن ابن جني يثبت سماع جميعها من النبي صلى الله عليه وسلم! وإن عدم ذكر الراجحي لكلام ابن جني هنا يُعتبر خيانة علمية إن كان قصد بتر الكلام من السياق والله المستعان. فيقول: (حسن الظن بأنس يدعو إلى اعتقاد تقدم القراءة بهذه الأحرف الثلاثة التي هي (يجمحون) و(يجمزون) و(يشتدون)، فيقول: اقرأ بأيها شئت، فجميعها قراءة مسموعة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله عليه السلام: نزل القرآن بسبعة أحرف كلها شاف كاف.)[48]
ولو ثبت هذا من أنس لكان تحريف منه للقرآن عند ابن جني. قال: (وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى، قال: كان يحضر ابن الأعرابي شيخ من أهل مجلسه فسمعه يومًا ينشد:
وموضع زبن لا أريد براحه كأني به من شدة الروع آنس
فقال له الشيخ: ليس هكذا أنشدتنا يا أبا عبيد الله. فقال: كيف أنشدتك؟ فقال له: وموضع ضيق. فقال: سبحان الله! تصحبنا منذ كذا وكذا سنة ولا تعلم أن الزبن والضيق شيء واحد؟
فهذا لعمري شائع لأنه شعر وتحريفه جائز، لأنه ليس دينًا ولا عملًا مسنونًا.)[49]
ولو رجع الراجحي إلى خطبة الكتاب لعلم أن ابن جني يرى بأن كثير من الشاذ ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعاتب من تجنب هذه القراءات، ويقول: (فإنا نعتقد قوة هذا المسمى: شاذا، وأنه مما أمر الله تعالى بتقبله وأراد منا العمل بموجبه وأنه حبيب إليه، ومرضي من القول لديه.)[50]
ثم استدل الراجحي بالتالي: (ومن ذلك ما حدثنا عباس الدوري عن أبي يحيى الحماني عن الأعمش عن أنس أنه قرأ: (وأقوم قيلا) و(أصوب)، فقيل له: يا أبا حمزة، إنما هي: (وأقوم قيلًا)، فقال أنس: إن أقوم وأصوب وأهيأ واحد.
قال أبو الفتح: هذا يؤنس بأن القوم كان يعتبرون المعاني ويخلدون إليها، فإذا حصلوها وحصنوها سامحوا أنفسهم في العبارات عنها.)[51]
قلت: قول ابن الجني: (هذا يؤنس…)، يدل على أن هذا هو ظاهر الأثر عن أنس، ولكن لا يرى أن هذا هو واقع الأمر كما أشرت سابقًا، فحسن ظنه بأنس يمنعه من أن يتهمه بالقراءة بالمعنى، وهذا هو حال ابن جني مع جميع سلفه إذ نجده ينفي القراءة من غير تلقي عن قتادة[52] والأعمش[53] أيضًا.
وحكى ياسر قاضي أن ابن جني تردد بين القولين: القراءة بالتلقي والرخصة الإلهية، : (وقرأ أنس فيما رواه أبان عنه: وحططنا عَنْكَ وِزْرَكَ، قال: قلت يا أبا حمزة! ووضعنا، قال: وضعنا وحللنا وحططنا عنك وزرك سواء. إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ على سبعة أحرف، ما لم تخلط مغفرة بعذاب، أو عذابا بمغفرة.
قال أبو الفتح: قد سبقت مثل هذه الحكاية سواء عن أنس، وهذا ونحوه هو الذي سوغ انتشار هذه القراءات، ونسأل الله توفيقا.)[54]
قلت: وهذا الكلام ليس فيه تراجع ابن جني صراحة، ويمكن فهم عبارته: (وهذا ونحوه هو الذي سوغ انتشار هذه القراءات) أنها قريبة المعنى وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها جميعًا، ولو أراد ابن جني أن يتراجع عن قوله الأول لنبه إلى ذلك أو لحذف تعليقه الأول قبل تبييض الكتاب.
ابن التين (611هـ) وغيره
قال الراجحي: (قال ابن التين وغيره كما في “فتح الباري” (9/21): “جمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القرآن حين قرؤوه بلغاتهم على اتساع اللغات، فأدى ذلك ببعضهم إلى تخطئة بعض فخشي من تفاقم الأمر في ذلك، فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد، واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش، محتجًا بأنه نزل بلغتهم، وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم رفعًا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر، فرأى أن الحاجة إلى ذلك انتهت.”)[55]
قلت: ليس فيه ما يدل على تجويزهم للقراءة بالمترادفات من تلقاء أنفسهم، وليس فيه إلا أن القراءة وسعت للناس رفعًا للحرج والمشقة، وهذا لا يعارض أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرئ الصحابة بالأحرف جميعها، وقد أقر الراجحي بأن هناك من جمع بين القولين من أهل العلم، فلا ينبغي نسبة القراءة بالتشهي لابن التين بناء على هذه الفقرة.[56]
أبو شامة (665هـ)
نقل الراجحي من أبي شامة التالي: (قال أبو شامة في “المرشد الوجيز” ص(139): اختار الصحابة رضي الله عنهم الاقتصار على اللفظ المنزل المأذون في كتابته وترك الباقي للخوف من غائله، المهجور هو ما لم يثبت إنزاله، بل هو من الضرب المأذون فيه بحسب ما خف وجرى على ألستنهم.)[57]
قلت: ليس في كلام أبي شامة ما يشعر أنه يرى أن القراءة بالتشهي، فهو يرى أن هناك حرفًا واحدًا أُمر بكتابته، وهناك ما لم يؤمر بكتابته وكان مما ووافق اللهجات الأخرى، كـ(عتى حين) و(زقية)، وهي القراءات الأخرى غير حرف قريش.
وفي نفس الصفحة قول أبي شامة: (وما اختلفت فيه المصاحف حذفًا وإثباتًا، نحو (من تحتها) (هو الغني)، (فبما كسبت) فمحمول على أنه نزل بالأمرين، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بكتابته على الصورتين لشخصين أو في مجلسين، أو أعلم بهما شخصًا واحدًا وأمره بإثباتهما.)[58] فهذا صريح بأن أبا شامة يرى أن الأحرف كانت مما تلقته الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم.
ولمعرفة موقف أبي شامة من الأحرف، أحيل إلى ما نقله من كلام القاسم بن حسان الذي وصفه بأنه (كلامًا كثيرًا شافيًا) وذكر استحسان ابن عبد البر له. قال القاسم: (إن الله تبارك وتعالى بعث نبيه صلى الله عليه وسلم والعرب متناؤون في المحال والمقامات، متباينون في كثير من الألفاظ واللغات، ولكل عمارة لغة دلت بها ألسنتهم، وفحوى قد جرى عليها عادتهم، وفيهم الكبير العاسي والأعرابي القح، ومن لو رام نفي عادته وحمل لسانه على غير ذريته تكلف منه حملًا ثقيلًا، وعالج منه عبئًا شديدًا، ثم لم يكسر غربه ولم يملك استمراره إلا بعد التمرين الشديد، والمساجلة الطويلة، فأسقط عنهم تبارك وتعالى هذه المحنة، وأباح لهم القراءة على لغاتهم، وحمل حروفه على عاداتهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئهم بما يفقهون، ويخاطبهم بالذي يستعملون بما طوقه الله من ذلك، وشرح به صدره، وفتق به لسانه، وفضله على جميع خلقه.)[59]
وقال أبو شامة: (إن اختلاف القراء في الشيء الواحد مع اختلاف المواضع من هذا على قدر ما رووا، وأن ذلك المتلقن له من النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك الوجه أقرأه غيره كما سمع، ثم من بعده كذلك إلى أن اتصل بالسبعة.)[60]
وكان أبو شامة يرى تواتر القراءات إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال في إبراز المعاني: (لكن الأهم أولا إتقان حفظه، وتقويم لفظه، ولا يحصل ذلك إلا بعد الإحاطة بما صح من قراءاته وثبت من رواياته، ليعلم بأي لفظ يقرأ، وعلى أي وجه يروى. والقرآن كلام الله منقول نقل التواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.)[61]
ونقل عن أبي نصر القشيري كلامه في الرد على من أنكر قراءة (والأرحام) بالخفض، قال: (ومثل هذا الكلام المردود عند أئمة الدين لأن القراءات التي قرأ بها أئمة القراء ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم تواترًا يعرفه أهل الصنعة وإذا ثبت شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رد ذلك فقد رد على النبي صلى الله عليه وسلم واستقبح ما قرأ به.) ثم قال أبو شامة: (وهذا كلام حسن صحيح)، مصححًا كلتا القراءتين.[62]
ويضاف إلى ما سبق أن أبا شامة يرى أن الأحرف سبعة حقيقةً، إذ يقول: (وإنما الشأن أن يكون في الكلمة الواحدة سبعة أوجه فهذا الذي عز وجوده فعد من ذلك ألفاظ يسيرة نحو (أف) و(عذاب بئيس) وليس كل الوجوه فيها من القراءات المشهورة بل بعضها من القراءات الشاذة إلا أنها من جملة اللغات والألفاظ المترادفة التي كانت القراءة قد أبيحت عليها، وقد تقدم أن معنى الحديث أن كلمات القرآن أبيح أن يقرأ كل كلمة منها على ما يحتمله من وجهين وثلاثة إلى سبعة، توسعة على الناس على قدر ما يخف على ألسنتهم.)[63]
قلت: ومن كان يرى أن الرقم سبعة حقيقي فليس له أن يقول إلا أن الأحرف تُلقيت من النبي صلى الله عليه وسلم إذ لا يستقيم حصر الأحرف في سبعة أوجه لو كان للناس استبدال الألفاظ من تلقاء أنفسهم، إلا لو قال أحدهم بأن للشخص الواحد استبدال الكلمة بسبع مرادفات ولا أدري ما الحكمة من ذلك ولا أظنه يُعتبر من التسهيل.
ابن الجزري (833هـ)
تقدم.
ابن حجر (852هـ)
تقدم.
المعلمي (1386هـ)
راجع مقالة الشيخ جو برادفورد عن موقف المعلمي من الأحرف السبعة هنا.
ابن عاشور (1393هـ) وعبد الهادي حميتو وغانم قدوري
قال الراجحي: قال الطاهر بن عاشور في “التحرير والتنوير” (1/55): “لا مانع من أن يكون مجيء ألفاظ القرآن على ما يحتمل تلك الوجوه مرادًا لله تعالى ليقرأ القراء بوجوه فتكثر من جراء ذلك المعاني، فيكون وجود الوجهين فأكثر في مختلف القراءات مجزئًا عن آيتين فأكثر، وهذا نظير التضمين في استعمال العرب، ونظير التورية والتوجيه في البديع، ونظير مستتبعات التراكيب في علم المعاني، وهو من زيادة ملائمة بلاغة القرآن.”
قلت: ليس في كلام ابن عاشور ما يدل على القراءة بالمعنى، ولكن لو سلمنا بذلك أنه يقصد أن القراءة كانت بالتشهي هنا، فهو لا يقر به، ولكن يورده كاحتمال، فنجد عند مراجعة السياق التالي: (والظن أن الوحي نزل بالوجهين وأكثر، تكثيرًا للمعاني إذا جزمنا أن جميع الوجوه في القراءات المشهورة هي مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، على أنه لا مانع…)[64]
ومن الناحية التطبيقية، نجد ابن عاشور يصحح جميع المتواتر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن خالف خط المصحف. فيقول بعد ذكره لاختلاف القراء لـ(بضنين) و(بظنين): (وذكر في الكشاف أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهما، وذلك مما لا يحتاج إلى تنبيه، لأن القراءتين ما كانتا متواترتين إلا وقد رويتا عن النبي صلى الله عليه وسلم… ولا شك أن الذين قرأوه بالظاء المشالة من أهل القراءات المتواترة وهم ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس عن يعقوب قد رووه متواترًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك فلا يقدح في قراءتهم كونها مخالفة لجميع نسخ مصاحف الأمصار لأن تواتر القراءة أقوى من تواتر الخط إن اعتبر للخط تواتر.)[65]
ثم قال الراجحي: وقال ابن عاشور أيضًا عندما ذكر قراءة حمزة وخلف (بمصرخي) بكسر الياء: “والذي ظهر لي أن هذه القراءة قرأ بها بنو يربوع من تميم، وبنو عجل ابن لجيم من بكر بن وائل، فقرؤوا بلهجتهم أخذًا بالرخصة للقبائل أن يقرؤوا القرآن بلهجاتهم، وهي الرخصة التي أشار إليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه.)[66]
قلت: لم يأت الراجحي شيئًا هنا، فابن عاشور صحح القراءة وهي متواترة عنده، ويقول بأن القراءات المتواترة جميعها من النبي صلى الله عليه وسلم، فكونها قراءة قبيلة من القبائل لا يعني أنه لم يقرئهم بها.
ثم نقل الراجحي بعض النقولات من المعاصرين مما يدل على أنهم يرون أن الصحابة قرأوا بالمرادفات، وممن تيسر الوصول إليهم الشيخ عبد الهادي حميتو، وقد غضب عندما سمع أن هناك من ينسب هذا إليه، وقال بأن هذا كذب عليه وأن هذا القول هو طعن في القرآن، وأشار إلى كتابه (كشف القناع) فأن فيه ردود على من شكك في نسبة القراءات إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرني بذلك الأستاذ عبد البر بن حسن المالكي.
وممن تواصلنا معه أيضًا الدكتور غانم قدوري الحمد، ونفى أنه يقول بذلك أيضًا، أفادني بذلك الشيخ ساجد عمر.
فكيف نطمئن لما ينسبه الراجحي للمتقدمين عندما نجده يخطئ فيما نسبه إلى المعاصرين؟
وفي الختام أود أن أحث القارئ الكريم أن يتريث عند الوقوف على نظريات تخالف المسلمات، وبالرجوع إلى المصادر التي نقل عنها المؤلف حيث نجد ما يخالف ما نسبه إليهم…
والله تعالى أعلى وأعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المراجع
الإبانة، مكي بن أبي طالب، كتاب – ناشرون / بيروت، ط1: 1432هـ.
إبراز المعاني في حرز الأماني، أبو شامة، دار الكتب العلمية، بيروت.
أحكام القرآن، أبو إسحاق إسماعيل القاضي المالكي، طبعة جائزة سيد جنيد عالم الدولية للقرآن الكريم، 1431هـ.
اختلاف الحديث، الشافعي، مؤسسة الكتب الثقافية / بيروت، ط1: 1405هـ.
إعراب القراءات، ابن خالويه، ت: عبد الرحمن العثيمين، مكتبة الخانجي / القاهرة، ط1: 1413هـ.
الأم، الشافعي، دار ابن حزم / بيروت، ط1: 1426هـ.
الانتصار، الباقلاني، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1433هـ.
بحر العلوم، أبو الليث السمرقندي، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1413هـ.
بستان العارفين، أبو الليث السمرقندي، دار الفاروق / دلهي.
تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية / بيروت، ط2: 1425هـ.
لتحرير والتنوير، ابن عاشور، دار سحنون / تونس.
تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار، الطحاوي، دار بلنسية / الرياض، ط1: 1420هـ.
جامع البيان في القراءات السبع، الداني، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1426هـ.
جامع البيان في تفسير القرآن، الطبري، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1412هـ.
الرسائل والمسائل العقدية المنسوبة للإمام الشافعي، مهنا سالم مرعي، مركز تكوين / لندن، ط1: 1438هـ.
الرسالة، الشافعي، دار الآثار / القاهرة، ط1: 1429هـ.
السنن الكبير، البيهقي، ت: التركي، القاهرة، ط1: 1432هـ.
فتح الباري، ابن حجر، دار السلام / الرياض، ط1: 1421هـ.
فضائل القرآن، القاسم بن سلام، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1411هـ.
الكفاية، الخطيب البغدادي، مكتبة ابن عباس / سمنود، 2002م.
متن العقيدة الطحاوية، أبو جعفر الطحاوي، دار ابن حزم / بيروت، ط1: 1416هـ.
المحتسب، ابن جني، دار سزكين، ط2: 1403هـ
المرشد الوجيز، أبو شامة المقدسي، مكتبة الذهبي / الكويت، 1413هـ.
المسائل الكبرى، صالح بن سليمان الراجحي، دار الصميعي / الرياض، ط1: 1443هـ.
المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم، أبو عوانة الإسفراييني، الجامعة الإسلامية / المدينة المنورة، ط1: 1435هـ.
مصنف ابن أبي شيبة، أبو بكر ابن أبي شيبة، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1416هـ.
المغني، ابن قدامة، دار عالم الكتب / الرياض، 1997م.
النشر في القراءات العشر، ابن الجزري، دار الكتب العلمية / بيروت، 2011م.
- المسائل الكبرى ص 437 ↑
- المسائل الكبرى ص 157-158. ↑
- المسائل الكبرى ص 130-133. ↑
- المسائل الكبرى ص 237 ↑
- المسائل الكبرى ص 115 ↑
- المسائل الكبرى ص 171-172 ↑
- المسائل الكبرى ص 178 ↑
- المسائل الكبرى ص 178 ↑
- النشر 1/25 ↑
- المسائل الكبرى ص 179 ↑
- المسائل الكبرى ص 178 ↑
- فتح الباري 9/35 ↑
- فتح الباري 9/33 ↑
- فتح الباري 9/56 ↑
- المسائل الكبرى ص 174 ↑
- المسائل الكبرى ص 174 ↑
- فضائل القرآن ص186 ↑
- المسائل الكبرى ص 153 ↑
- الانتصار ص325. ↑
- جامع البيان في تفسير القرآن 11/243 ↑
- جامع البيان في القراءات السبع المشهورة ص42 ↑
- كما في المرشد الوجيز لأبي شامة ص285-289. ↑
- الكفاية 2/25 ↑
- هذا العدد الذي وقف عليه الشيخ فاضل سليمان من خلال عمله على ترجمة القراءات إلى اللغة الإنكليزية. ↑
- اختلاف الحديث ص71. ↑
- الرسالة ص287 ↑
- اختلاف الحديث 71-72. ↑
- اختلاف الحديث ص 70. ↑
- مصنف ابن أبي شيبة 1/262. ↑
- المغني 2/222 ↑
- الرسالة ص357 ↑
- ينظر: الرسائل والمسائل العقدية المنسوبة للإمام الشافعي ص242-247، وص500-504. ↑
- الأم 2/1934. ↑
- الرسالة ص289 ↑
- أحكام القرآن ص193-196 ↑
- نقله عنه مكي بن أبي طالب في الإبانة ص153 ↑
- المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم 11/73 ↑
- المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم 11/71 ↑
- المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم 11/75 ↑
- المسند الصحيح المستخرج على صحيح مسلم 11/68-69. ↑
- الدعاوى في خبر ردة كاتبي القرآن عرض ونقص، محمد عبد الرحمن الطاسان، مجلة العلوم الشرعية ، جامعة القصيم، المجلد 15، العدد 2، ص566-567. ↑
- تاريخ بغداد 1/296 ↑
- تاريخ بغداد 2/203 ↑
- المسائل الكبرى ص177 ↑
- إعراب القراءات 1/18 ↑
- بستان العارفين ص74-75. ↑
- بحر العلوم 1/419 ↑
- المحتسب 1/296 ↑
- المحتسب 1/297-298 ↑
- المحتسب 1/33 ↑
- المحتسب 2/336 ↑
- المحتسب 1/84 ↑
- المحتسب 1/85 ↑
- المحتسب 2/367 ↑
- المسائل الكبرى ص177 ↑
- المسائل الكبرى ص165. ↑
- المسائل الكبرى ص 176 ↑
- المرشد الوجيز ص 324 ↑
- المرشد الوجيز ص 307 ↑
- المرشد الوجيز ص 370 ↑
- إبراز المعاني ص3 ↑
- إبراز المعاني ص412 ↑
- المرشد الوجيز ص303 ↑
- التحرير والتنوير 1/55 ↑
- التحرير والتنوير 30/161 ↑
- المسائل الكبرى ص182 ↑