بسم الله الرحمن الرحيم

 

استدل صالح الراجحي بعشرة أدلة استنتج منها أن الصحابة قرأوا القرآن بالمعنى…

 

الدليل الأول

استدل الراجحي بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني بعثت إلى أمة أميين، فيهم الشيخ العاسي والعجوزة الكبيرة والغلام، قال: فمرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف.) ثم قال: (واضح جدًا أنه رخصة مفتوحة لأولئك الشيوخ والعجائز والغلمان والذين لم يقرؤوا كتابًا قط أن يقرؤوا دون أن يتلقوا ذلك ويعلموه.)[1]

قلت: لو كان الأمر واضحًا كما يقول الراجحي فلماذا نجد الأئمة يصرحون بأن القراءات جميعها منزلة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بجميعها؟ وهذا حقيقة يقر بها الراجحي.[2]

ثم انظر إلى كيفية وصول هذه الأحرف إلينا، هل وصلتنا من أفواه الشيوخ والعجائز والغلمان، أم وصلتنا من أفواه قرّاء الصحابة كابن مسعود وأُبي وزيد؟ فهل كان هؤلاء يحتاجون إلى الرخصة لأنهم (لم يعتادوا الدرس والتكرير وحفظ شيء على لفظه مع كبر سنهم، واشتغالهم بالمعاش وأمور الحياة) ؟فهذا كان وصف الراجحي لمن احتاج إلى هذه الرخصة.[3]

ثم يقول: (القارئ من أولئك الشيوخ والعجائز بدل الكلمة القرآنية التي ذهل عنها كلمة تؤدي معناها فتقوم مقام التي ذهل عنها.)[4] هل يقال مثل هذا في حق قراء الصحابة؟ فإن كان الجواب: لا، فاعلم أن قراءة ابن مسعود وأُبي وزيد لم تكن بسبب كلمات ذهلت عنهم، أو تساهلا منهم، ولكن كانت لتلقّيهم هذه الألفاظ من النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأوا كما سمعوا.

 

الدليل الثاني

قال الراجحي: (أن القراءات المختلفة لو كانت كلها منزلة من عند الله لم يكن بوسع الخليفة عثمان رضي الله عنه أن يلغيها ويبقي على حرف قريش، فهذا من أوضح الأدلة على أن الأحرف السبعة إنما هي رخص لكل أهل لهجة أن يقرؤوا بلهجتهم.)

وقال: (هذا الدليل وهو إلغاء عثمان لبقية الأحرف من أقوى الأدلة على هذه المسألة، ولو لم يوجد غيره لكفى لشدة وضوحه وجلائه.)[5]

وقال أيضًا: (فلو كانت الأحرف منزلة من عند الله ما كان عثمان رضي الله عنه يفكر ولو مجرد تفكير أن يلغيها ويحرق المصاحف، هل يعقل هذا!)[6]

قلت: الجواب عن ذلك أن الرخص حكمها يختلف وللخليفة إلغاء أو توقيف الرخصة من أجل مصلحة كما فعل عمر رضي الله عنه مع متعة الحج. والسؤال الذي يجب أن يطرح هو: ما هي الحكمة مما فعله عثمان رضي الله عنه لو كانت القراءة بالمرادف جائزة؟ أما كان بوسعه أن يرسل إلى الأمصار أن القرآن منزل على سبعة أحرف فاقرأوا كما تشتهون؟ ما غفل عنه الراجحي هو الهدف من جمع عثمان رضي الله عنه الناس على المصحف وهو إنهاء النزاع والتكفير الذي وقع عندما اختلف الناس. وجمع الناس على مصحف واحد هو الحل الأنسب لذلك، ولم يرد عثمان إلغاء جميع الأحرف فتنتفي الرخصة تمامًا، فجرد المصاحف من النقط كما بينت سابقًا في مقالة أخرى. فإذا اختلف الشامي والعراقي في كلمة، رجعوا إلى المصحف المجرد من النقط وعلموا أن المصحف يحتمل القراءتين، فكان هذا هو الحل الأنسب. وأما الاختلافات التي لها أثر كبير في الرسم كـ(والذكرِ والأنثى)، وهي قراءة كوفية، فما كان من وسعهم أن يقرأوها إذ كانت تخالف الذي في المصحف: (وما خلق الذكرَ والأنثى). وأما بعض الاختلافات الصغيرة كزيادة الواو والفاء و(هو) و(من)، فلم يظن عثمان رضي الله عنه أنها تؤدي إلى الاختلاف الذي يؤدي إلى التكفير فأبقاها كما هي.

وأما لو كانت الرخصة هي قراءة القارئ بالتشهي، فلماذا كفّر الناس بعضهم بعضًا أصلًا؟ هذا لا يستقيم إلا لو خُفي هذا عن الناس تمامًا، مع تواتر النص في إنزال القرآن على سبعة أحرف. وأما النزاع مع اعتقاد إنزال السبعة حقيقة جائز، فالقارئ الشامي يظن أن العراقي أخطأ في قراءته أو أنه قرأ بالتشهي أو بالاجتهاد، ولا يصح غير قراءته عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأكرر، لو كانت الأحرف السبعة مجرد رخصة للقراءة بالتشهي لأعلمهم عثمان رضي الله عنه بذلك، فلا حاجة لجمع المصاحف، ولا لإحراق غيرها، ولا لنسخها وجمع الناس عليها. ويكفي لإثبات أن القراءة كانت بالتلقي أن عثمان رضي الله عنه جعل بعض الاختلافات في المصاحف، وهذا الأمر فصلت فيه في المقالة التي سبق الإشارة إليها.

ومن اعتراضات الراجحي: (كان بإمكانه أن يكتبها في مصاحف ويرسل بها إلى أولئك المختلفين ويعلمهم أن كلها حق منزلة من الله وأن عليهم أن يحفظوها كلها ولا يختلفوا فيها.)[7] 

قلت: هذا ينافي الحديث الذي نقله الراجحي كدليله الأول، فإن الله تعالى أنزلها رخصة للتيسيير عل الناس، وحفظ جميع الاختلافات سيكون شاقًا على أمته. ولا أظن أن هذا سينهي النزاع، بل أظنه سيؤدي إلى ازدياد الاختلاف في المصر الواحد بعد أن استقر أكثرهم على قراءة. ومثال ذلك أن أهل الشام اجتمعوا على قراءة ابن عامر وقرأوا بها قرونًا، ولكن لو كانت لديهم سبعة مصاحف تشمل جميع الأحرف لكثر الاختلاف بين أهل الشام أنفسهم.

وقال الراجحي ساخرًا بأهل العلم: (لا سيما وأن بعض المتأخرين يزعمون أن تلك الأحرف والقراءات تشتمل على معان عظيمة من الله! فكيف يمنع عثمان الأمة إلى قيام الساعة من هذه المعاني العظيمة التي مَنَّ بها الله على عباده.)[8]

قلت: تقييد الناس بالرسم العثماني لا يمنع من معرفة المعاني العظيمة، فهي محفوظة في كتب السلف وإن لم نقرأ بها، فمن أرادها رجع إلى الكتب التي تعتني بالقراءات الشاذة، والحمد لله رب العالمين.

 

الدليل الثالث

قال الراجحي: (أن عثمان حين أمر بكتابة المصحف قال للرهط القرشيين الثلاثة: (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم.) أخرجه البخاري (4702). وكذلك قال عمر رضي الله عنه لابن مسعود رضي الله عنه: (إن الله أنزل القرآن بلسان قريش، فأقرئ الناس بلغة قريش) كما سيأتي ذكره قريبًا والاستدلال به من جهة أخرى. وهذه نصوص صريحة واضحة، ولو نزل جبريل بجميع القراءات والأحرف ما كان لقول عثمان أو عمر رضي الله عنهما أي معنى.)

ثم قال: (ولا يصح أن يقال: إن المراد أول ما نزل، فيضاف إلى هذا النص الواضح الصريح لفظة (أول ما نزل) ليفرغ من دلالته الصريحة. فإن هذا تحريف للنص وتغيير لمعناه.)[9]

قلت: والرد على هذا بكل بساطة قول النبي صلى الله عليه وسلم المتواتر عنه: (إن القرآن أنزل على سبعة أحرف.) والجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة يؤدي إلى نتيجة واضحة وهي أن المراد بقولهم أن القرآن أنزل بلسان قريش، أي: أنزل أولًا.

وقول الصحابة أن القرآن نزل بلسان قريش يشبه ما قاله الطبري عندما تكلم عن قوله تعالى (بل عجبت ويسخرون) [الصافات: 12]، قال: (فإن قال: أكان التنزيل بإحداهما أو بكلتيهما؟ قيل: التنزيل بكلتيهما، فإن قال: وكيف يكون تنزيل حرف مرتين؟ قيل: إنه لم ينزل مرتين، إنما أنزل مرة، ولكنه أمر صلى الله عليه وسلم أن بالقراءتين كلتيهما.)[10]

ومن أغرب ما استدل به الراجحي لنصرة هذا الدليل التالي: (أخرج الداني في “المحكم” ص(21) بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (أنه قرأ: عباد الرحمن، قال سعيد: فقلت لابن عباس: إن في مصحفي (عند الرحمن)، فقال: امحها واكتبها: (عباد الرحمن.)[11]

قلت: لا أدري ما هذا، إلا أنه دليل على الراجحي وليس له، فالرد عليه من وجوه:

  • الأول: لا علاقة لهذه القراءة باللهجات، فلا يقال أن هذا المقروء يخالف حرف قريش.
  • الثاني: كيف يقال أن هذه القراءة أُذن بها وهي مخالفة للقراءة الأخرى في المعنى؟ فلا علاقة لهذا بالقراءة بالمرادف، فثبوت القراءتين يدل على أن القراءتين منزلتان.
  • الثالث: انكار ابن عباس لقراءة (عباد) يدل على أنه لا يرى أن القراءة تستقيم إلا بالتلقي، فلو كانت يجوز عنده ابدال الألفاظ لترك سعيدًا يقرأ كما يشاء.
  • الرابع: الذي في مصحف عثمان (عند) من غير الألف، وابن عباس يعترض على ذلك، فهذا الأثر يدل على أن ابن عباس رضي الله عنه يرى أن قراءة (عباد) هي القراءة المنزلة وأن عثمان رضي الله عنه أخطأ في الرسم ولم يُصب في اختيار هذا الحرف. فهل أراد الراجحي تخطئة رسم عثمان؟ فهذا يتعارض مع ما قرره سابقًا من أن القراءة المنزلة هي التي جمعها عثمان.

 

الدليل الرابع

قال الراجحي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يقرأ عليهم أو يقرئهم إلا بلسان قريش، ولم يكن يقرئهم بغيرها إلا ما ورد في قصة عمر مع هشام بن حكيم وسيأتي الكلام عليها وبيان حقيقة هذه الرواية. ولو كانت الأحرف والقراءات قد نزل بها جبريل لكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرئهم بها كثيرًا كما يقرئهم بحرف قريش، ولرأيته يقرأ بها في صلاته بهم، ولكان هذا مشهورًا ظاهرًا بينًا لا يخفى على أحد.)[12]

وقال: (يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويقرئ بلفظ واحد، وهو حرف قريش الذي نزل به القرآن، وليس بألفاظ مختلفة.)[13]

قلت: بل الروايات التي تذكر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بقراءات متعددة ثابتة، فمنها حديث أُبي وفيه أنه اختلف مع صحابي آخر وهما يقولان لبعض: (أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.)[14]

ومنها قراءته صلى الله عليه وسلم: (والذكر والأنثى) التي أقرأها أبا الدرداء وابن مسعود.[15]

ويرى الراجحي أن قراءة ابن مسعود رضي الله عنه هي نفسها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ذلك شارحًا لحديث (من سره أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد).[16] قال الراجحي: (فهذا يدل على أن القرآن أنزل بلفظ واحد وحرف واحد وأجيز أن يقرأ بحروف أخرى حسب لغات الناس. ومعنى الحديث من أراد أن يقرأ القرآن بالحرف الذي نزل من عند الله ليقرأ بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ولذلك قال: “غضًا كما أنزل.” وكيف لا يكون كذلك وهو يقول: أخذت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة.)[17]

قلت: يعتقد الراجحي أن جميع ما صح عن ابن مسعود رضي الله عنه هو قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعتقد أيضًا أن القراءة التي جمعها عثمان رضي الله عنه هي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا. وهذا صحيح أيضًا، ويدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بالقراءتين.

ولا أظن أنه خفي على الراجحي كراهية ابن مسعود رضي الله عنه لترك قراءته من أجل قراءة زيد بن ثابت،[18] ولكن مثل هذا التخبط في تحديد قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لا يستغرب منه.

وأزيد على ما تقدم بعض ما ورد من نصوص السلف في إثبات وجود أحرف متعددة، منها:

فقال عبد الله بن كثير أن (أفلم يتبين) هي في القراءة الأولى.[19]

وقال سعيد بن جبير: (في القراءة الأولى: بل عجبت وأسخروني).[20]

فهذان نصان يدلان على أن بعض القراءات المخالفة لما في مصحف عثمان رضي الله عنه نزلت أولًا وأما الرسم ففيه إثبات ما في العرضة الأخيرة كما هو معلوم. فيفهم من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بأكثر من قراءة.  

تنبيه: على القارئ أن يعلم أن الراجحي لا يسلم تمامًا للقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأ هشام بن حكيم، فإن للراجحي  توجيه قبيح آخر وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر هشام على خطئه، فيقول: (ولكن هشامًا ربما أنه هو الذي نسي فغير بعض الألفاظ. وقد يؤيد هذا الاحتمال أن هشام بن حكيم رضي الله عنه حديث عهد بإسلام فهو لم يسلم إلا قبل زمن يسير، فما أسلم إلا بعد فتح مكة، ومن هذه حاله لا يستبعد أن يخطئ في الحفظ.)

ويقول: (ولوجود هذه الرخصة بالأحرف صوب النبي صلى الله عليه وسلم قراءتهم جميعًا.) [21]

ولا يخفى على القارئ ما في هذا الكلام من جرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشكيك في صدقه.

 

الدليل الخامس:

قال الراجحي: (أن كثير من أهل العلم الراسخين من القراء والمفسرين واللغويين وغيرهم قد تكلموا في بعض القراءات، وفاضلوا بينها أو خطأوها بعضها، وهذا أمر مشهور معلوم…

وهذا صريح في أنهم كانوا يرون أن تلك القراءات المختلفة ليست كلها منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك ينقدون ويخطئون ويضعفون ويفاضلون، فينقدون كل لهجة ضعيفة، أو ما تشوبه مخالفة للغة فصحى، ولا يجدون أي حرج في ذلك، لأنهم على يقين وطمأنينة أن الذي أنزله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى درجات الفصاحة والبيان واللسان العربي المبين، فهم يعتقدون أن تلك القراءات الكثيرة المختلفة ليست من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما هي قراءات أذن للناس أن يقرؤوها بها في زمن الرخصة.) [22]

قلت: هذا استنتاج تافه.

 قرأ بعضهم: (غَلبت الروم)،[23] وها أنا أردها. هل ذلك لأني أقر بأنها من الأحرف التي نزلت بالتشهي؟ أو أني أردها لأنها ليست من القراءات الصحيحة؟

الأصل في رد القارئ والمفسر للقراءة هو أنه يراها باطلة أو أنه يشك في ثبوتها، ولو كان هؤلاء الذين تكلموا في القراءات سكتوا عنها تمامًا لقال الراجحي: سكوتهم دليل على أن القراءات رخصة فلا وجه لردها.

والواقع أن نقدهم للقراءة من أقوى الأدلة على عدم وجود رخصة للقراءة بالمعنى، وهذا معروف في جيل الصحابة. فكان ابن عباس رضي الله عنه يخطئ من قرأ (حتى تستأنسوا)، وكان يقرأ قراءة أُبي رضي الله عنه (حتى تستأذنوا).[24] أما كان يعلم ابن عباس بالرخصة في القراءة بالمرادف؟ إن كان يعلم بها فلماذا ينهاهم عن هذه القراءة؟ فالجواب بكل بساطة أن من كان يؤمن بأن القراءة لا تكون إلا بالتلقي سينكر على من قرأ بحرف لم يعرفه، ولا وجه للإنكار والتخطئة لو كانت القراءة بالمرادف جائزة.

وتقدم في الرد على الدليل الثالث كلام لابن عباس يؤيد هذا. 

 

الدليل السادس

قال الراجحي: (أن الأحاديث السابقة في طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ربه أن يهون القرآن على أمته ويأذن في قراءته على أحرف مختلفة إنما كان بالمدينة في وقت متأخر جدًا بعد فتح مكة، ومما يدل على ذلك أنه لما اختلف عمر مع هشام بن حكيم وترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكونا يعلمان بأن القرآن يقرأ على أكثر من وجه حتى أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقصة لم تحصل إلا بعد فتح مكة يقينًا، فإن هشام بن حكيم لم يسلم إلا بعد فتح مكة.

وهذا يعني أن القرآن كان لا يقرأ إلا بلسان قريش إلا في أواخر العهد المدني حين بدأ الناس يدخلون في دين الله أفواجًا، فهي رخصة أذن فيها للحاجة إليها.

وإذا كان الأمر كذلك فمتى سيقرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه بكل الأوجه واللهجات والقراءات، إن من يعلم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ويتصور أحواله وكيف كان يقضي وقته صلى الله عليه وسلم بين المشاغل الكثيرة المتنوعة، والدعوة والجهاد والتعليم والتوجيه واستقبال الوفود والحج والزوجات ومشاكل الناس وغير ذلك كثير يدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يتأتى له أن يمضي كثيرًا من أوقاته في تعليم القراءات المتنوعة.)[25]

قلت: كثرة مشاغل النبي صلى الله عليه وسلم لم تمنعه من تدريس الناس القرآن في السنين الأخيرة من حياته فقد نزل فيها سور طويلة كالمائدة والتوبة، فتبليغ الناس القرآن من الأولويات ولو لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم الوقت الكافي لتعليمها للصحابة لمد الله تعالى من عمره إلى أن ينتهي من تلك المهمة.

وأصحاب هذه الاعتراضات يجدون صعوبة في تصور كيفية تعليم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بأحرف متعددة، فيتصورون أنه يأخذ الصحابي الجديد، وهو مثلًا من المؤلفة قلوبهم وقد تأخر إسلامه، فيعلمه القرآن من الفاتحة إلى الناس. ثم يذهب إلى مجموعة أخرى من الصحابة ويعلمهم حرفًا آخر من الفاتحة إلى الناس، إلى أن ينتهي من السبعة. ولا حاجة إلى ذلك كله، والأقرب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم ما نزل عليه لفترة معينة، فمثًلا يعلم ما نزل بمكة لمن تقدم إسلامه، فكان المهاجرون يعلمون أخوانهم من الأنصار. فما كان للنبي صلى الله عليه وسلم حاجة لتدريس الأنصاري القرآن أثناء مكثه في المدينة، بل ظاهر قول ابن مسعود: (أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم)[26] أنه فاق الصحابة في كثرة سماعه للقرآن من النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا التصور أن جميع الصحابة سمعوا جميع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح. فالظاهر أن  النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض آخر سنوات حياته يعلم الصحابة الفاتحة إلى الناس، وإنما يعلمهم آخر ما نزل من القرآن، كسورتي التوبة والمائدة. وأما عرضهم القرآن عليه، فهذا أقرب، وله شواهد في الأحاديث. فكان يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يعلم حفظة القرآن الأحرف الأخرى ويكتفي بذلك، وهذا ليس بصعب لمن حفظ القرآن.

وهكذا نجد السلف يتعلمون القرآن، قال جرير بن عبد الحميد: (كان إذا جاء شهر رمضان جاء أبو حيان التيمي وحمزة الزيات، مع كل واحد منهما مصحف، فيمسكان على الأعمش، ويقرأ فيستمعون لقراءته، فأخذنا الحروف من قراءته.) وقال القاسم بن سلام: (ولم يبلغنا أنه – أي: الأعمش – قرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره.)[27]

 

الدليل السابع

قال الراجحي: (ورد عن عمر رضي الله عنه: (أنه سمع رجلًا يقرأ من سورة يوسف  (من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه عتى حين)، فقال عمر: من أقرأكها؟ قال: أقرأنيها ابن مسعود، فقال عمر: (حتى حين)، وكتب إلى ابن مسعود: أما بعد: فإن الله أنزل القرآن بلسان قريش، فإذا أتاك كتابي هذا فأقرئ الناس بلغة قريش، ولا تقرئهم بلغة هذيل، والسلام). أخرجه ابن شبة في “أخبار مكة” (3/227)، وابن عبد البر في “التمهيد” (8/278)، وغيرهما.

وهذا دليل واضح جدًا على أن الذي نزل به جبريل إنما هو حرف واحد، وهو حرف قريش، ولو كانت كلها منزلة ما أنكر عمر على ابن مسعود، وكيف ينكر عليه وهو يقرئ بقراءة أنزلها الله، ونزل بها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم.)[28]

قلت: ناقض الراجحي نفسه فإنه يعتبر قراءة ابن مسعود رضي الله عنه هي المنزلة،[29] راجع الرد على الدليل الرابع. وأما بالنسبة لسبب نهي عمر رضي الله عنه ابن مسعود رضي الله عنه عن هذا الحرف، فذكر ابن حجر أن عمر قال هذا على سبيل الاختيار، لا أنه يراه حرامًا.[30]

ومنع عمر لابن مسعود لا يستقيم مع نظرية القراءة بالمرادف أصلًا.

قال الراجحي: (فنهاه عمر لأن الرخصة تقدر بقدرها، فهي رخصة للتسهيل والتوسعة، أما التعليم والإقراء فشأن آخر، يختار به الحرف الذي نزل به القرآن.)

قلت: وإذا تأملنا هذا الكلام وطبقناه على الواقع التاريخي لوجدنا أن جميع الأمة خالفت ما توصل إليه الراجحي، فكان كبار الصحابة يعلمون الناس القراءات على غير لغة قريش، وجميع القراء يقرئون الناس على الأحرف الأخرى، فالراجحي يقر بنفسه أن القراءة الأولى المنزلة لا سبيل لمعرفتها اليوم.[31]

ثم ذكر الراجحي رواية أخرى: (ومثل هذا الدليل في الوضوح ما رواه عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان) فرفع الأنصار ولم يحلق الواو في الذين، فقال له زيد بن ثابت: (والذين اتبعوهم بإحسان)، فقال عمر: (الذين اتبعوهم بإحسان)، فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم، فقال عمر: ائتوني بأبي بن كعب، فسأله عن ذلك. فقال أبي: (والذين اتبعوهم بإحسان)، فجعل كل واحد منهما يشير إلى أنف صاحبه بإصبعه، فقال أُبي: والله أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تتبع الخبط. فقال عمر: نعم إذن، فنعم إذن، فنعم إذن نتابع أبيًا.

قال السيوطي في “الدر المنثور” (4/268): أخرجه أبو عبيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه”.

ولو كان هناك أحرف متعددة قد أقرأ بها النبي ما اختلفوا، ولفرحوا واعتبروهما قراءتين صحيحتين عن النبي صلى الله عليه وسلم.)

قلت: هذا دليل على الراجحي وليس له، فإن تخطئة الصحابة بعضهم بعضًا تدل على أنهم يرون أن القرآن لا بد من أن يؤخذ من النبي صلى الله عليه وسلم. ومن الطبيعي أن يخطئ القارئ أخاه إذا قرأ بغير ما يقرأ، وهذا نراه اليوم في جميع طبقات الناس من العامة والعلماء. ولو جاز لهم القراءة بالمرادف فلماذا تراجع عمر عن قراءته؟  ونجد مرة أخرى أن الرواية تخالف نظرية القراءة بالمعنى، فلو كان يجوز للقارئ أن يقرأ بالتشهي فلماذا يخطئ زيد قراءة عمر؟

 

الدليل الثامن

قال الراجحي: (أن الله تبارك وتعالى يقول: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) والمعروف أن كثيرًا من القراءات ذهبت ولم تحفظ.)[32]

قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلها شاف كاف،)[33] فقراءتنا هي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن محفوظ. وأما قراءة الراجحي فلا يدرى إن كانت هي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم أو قراءة غيره كما أقر بنفسه،[34] فعليه أن يقر بأن القرآن محفوظ بالمعنى فقط ويصعب ذلك إذ سبق أن أقر بأن هناك أحرفًا تختلف في المعنى.[35]

 

الدليل التاسع

قال الراجحي: (جاء في عدد من الروايات فيها الإذن بالرخصة والمنع فقط مما يغير المعنى، كإبدال آية عذاب برحمة وآية رحمة بعذاب.

ففي حديث أُبي رضي الله عنه عند أحمد (35/84) (إقرأ القرآن على سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: غفورًا رحيمًا، أو قلت: سميعًا عليمًا، أو عليمًا سميعًا فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب.)[36]

قلت: رواه أحمد عن ابن مهدي عن همام عن قتادة عن يحيى بن يعمر عن سليمان بن صرد عن أُبي، وقال الإمام أحمد كما في المعرفة والتاريخ للفسوي: (ولم يسمع قتادة من يحيى بن يعمر شيئًا.)[37] وقال البيهقي: (رواه معمر عن قتادة فأرسله،)[38] فلا يصح الحديث.

ورواه القاسم بن سلام من طريقه عن سليمان بن صرد من غير الزيادة أيضًا.[39]

ثم قال الراجحي: (وفي حديث أبي بكرة رضي الله عنه عند أحمد (34/70) (اقرأه على سبعة أحرف، كلها شاف كاف، ما لم تختم آية رحمة بعذاب، أو آية عذاب برحمة.)[40]

قلت: رواه أحمد عن ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف عند أغلب النقاد فلا يحتج به، فحديث أبي بكرة ضعيف، إذ قد تفرد علي بن زيد به.[41]

ثم قال الراجحي: (وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أحمد (14/120) أنزل القرآن على سبعة أحرف، عليمًا حكيمًا، غفورًا رحيمًا.))

قلت: حديث أبي هريرة رواه عنه أبو سلمة ورواه عنه محمد بن عمرو بن علقمة وأبو حازم[42] وخالفه بذكر هذه الزيادة. قال ابن حبان: (قول محمد بن عمرو أدرجه في الخبر، والخبر إلى: “سبعة أحرف،” فقط.)[43] وهذا يوافق حديث أبي سلمة. ومحمد بن عمرو بن علقمة مختلف فيه بين النقاد.[44]

وهذه الزيادة تخالف الحديث المتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم فالحديث مروي عن عمر وعثمان وابن مسعود وابن عباس وحذيفة وأبي جهيم وأم أيوب ومعاذ وليس فيه هذه الزيادة، وهو ثابت عن أُبي من غير الزيادة كما تقدم.

ثم قال الراجحي: (وفي رواية “ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب، ولا ذكر عذاب برحمة” أخرجه ابن جرير في “التفسير” (1/19).[45]

وهذا الحديث الذي رواه الطبري بإسناده عن أبي هريرة فيه إسماعيل بن أبي أويس وتكلم في عدالته وضبطه.[46] وأستغرب من ذكر الراجحي لهذا الحديث كدليل على صحة القراءة بالمرادف، إذ ليس فيه ما يشعر بذلك. فهل يظن الراجحي أنه من الممكن أن نستبدل آية عذاب بمعانٍ أخرى؟ فمثلًا، قال الله تعالى: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كان يكذبون) فهل يجوز لأحدهم أن يقول: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا وسيخلدون في النار)؟ فهذا عذاب وذاك عذاب.

وعند الرجوع إلى أهل العلم نجد الفهم الصحيح للحديث،  قال النحاس شرحًا للحديث باستخدام الآية الكريمة: (يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابًا أليمًا).

قال: (فهذا تعليم التمام توفيقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة والثواب ويفصل ما بعدها إن كان بعدها ذكر نار أو العقاب نحو: (يدخل من يشاء في رحمته) ولا ينبغي أن يقول: (والظالمين) لأنه منقطع عما قبله لأنه منصوب بإضمار فعل ويعذب الظالمين أو وعذب الظالمين.[47]

وهكذا فهمه الداني فاستدل بآيات منها: (فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون.) فقال بعد أن ذكر الحديث الذي تقدم: وذلك نحو: (أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) هنا الوقف، ولا يجوز أن يوصل ذلك بقوله: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات)، ويقطع على ذلك، ويختم به الآية.[48]

 

الدليل العاشر

ذكر الراجحي أن قراءة ابن مسعود رضي الله عنه هي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وأن هذا يدل على أن القرآن أُنزل بحرف واحد.[49]

تقدم فيما سبق في الرد على الدليل الرابع، فلا حاجة للإعادة.

 

إدعاء ونقضه

مما يزعمه الراجحي انتصارًا لمذهبه في الأحرف أن القرون الأولى ما كانوا يقرأون قراءات متعددة،[50] ويرى أن هذا دليل على أنهم لم يكونوا يعتبرونها منزلة، فلو كانت منزلة جميعًا لبذلوا الجهد على جمعها.

وهذا الكلام غير صحيح، فقد قال ابن سيرين: (لولا أني أخاف أن تلبس قراءتي لأحببت أن أقرأ القراءتين جميعًا قراءة ابن مسعود وقراءة ابن عفان).[51]

وكان سعيد بن جبير يؤم الناس في رمضان، فيقرأ ليلة بقراءة ابن مسعود ويقرأ  الأخرى بقراءة زيد بن ثابت، وأقر بصحة ذلك الراجحي، إلا أنه قال: (فقراءة ابن مسعود هو إظهار للتمسك بهذه القراءة لتظل باقية كما أرشد إلى ذلك ابن مسعود رضي الله عنه.)[52]

قلت: فلماذا لم يكتف بقراءة ابن مسعود إذن؟! هذا الجواب من الراجحي فيه تكلف، وكان يدعي أن السلف ما كانوا يجمعون أكثر من قراءة، وعندما وجد ما يناقض ذلك جاء بهذا التوجيه للواقع التاريخي. وأنا صراحة لا أدري لماذا يدعي الراجحي أن السلف لم يقرأوا إلا بقراءة واحدة إن كان يعلم أن الواقع يخالف ذلك، فلا حاجة لمثل هذه التبريرات.

 

 المصادر:

الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ابن حبان، دار المعرفة / بيروت، ط1: 1425هـ.

تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار، الطحاوي، دار بلنسية / الرياض، ط1: 1420هـ.

تفسير ابن جريج، ابن جريج، دار الكمال المتحدة / دمشق، ط1: 1440هـ.

تهذيب التهذيب، ابن حجر، مؤسسة الرسالة / بيروت، ط1: 1429هـ.

جامع البيان في تفسير القرآن، الطبري، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1412هـ.

سنن الترمذي،الترمذي، ت: عصام موسى هادي، دار الصديق / الجبيل، ط1: 1433هـ.

السنن الكبير، البيهقي، ت: التركي، القاهرة، ط1: 1432هـ.

صحيح البخاري، البخاري، دار السلام / الرياض، ط2: 1419هـ.

فتح الباري، ابن حجر، دار السلام / الرياض، ط1: 1421هـ.

فضائل القرآن، القاسم بن سلام، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1411هـ.

فضائل القرآن، المستغفري، دار ابن حزم / بيروت، ط1: 1427هـ.

القطع والإئتانف، النحاس، دار عالم الكتب / الرياض، ط1: 1413هـ.

المسائل الكبرى، صالح بن سليمان الراجحي، دار الصميعي / الرياض، ط1: 1443هـ.

مسند أحمد، أحمد بن حنبل، دار السلام / الرياض، ط1: 1434هـ.

المصاحف، ابن أبي داود، البشائر / بيروت، ط2: 1423هـ.

معرفة القراء الكبار، الذهبي، دار الصحابة / طنطا، ط1: 1428هـ.

المعرفة والتاريخ، الفسوي، دار الكتب العلمية / بيروت، ط1: 1419هـ

المكتفى في الوقف والابتداء، الداني، مؤسسة الرسالة / بيروت، ط2: 1407هـ.


 

[1]  المسائل الكبرى ص190

[2]  المسائل الكبرى ص165

[3]  المسائل الكبرى ص190

[4]  المسائل الكبرى ص190

[5]  المسائل الكبرى ص193

[6]  المسائل الكبرى ص192

[7]  المسائل الكبرى ص194

[8]  المسائل الكبرى ص194

[9]  المسائل الكبرى ص196-197

[10]  جامع البيان في تفسير القرآن 10/476

[11]  المسائل الكبرى ص197

[12]  المسائل الكبرى ص200

[13]  المسائل الكبرى ص201

[14]  تحفة الأخيار بترتيب شرح مشكل الآثار 8/149-151

[15]  صحيح البخاري ص632

[16]  مسند أحمد ص15

[17]  المسائل الكبرى ص213

[18]  المصاحف 1/179-192

[19]  تفسير ابن جريج ص129

[20]  تفسير ابن جريج ص171

[21]  المسائل الكبرى ص219

[22]  المسائل الكبرى ص202-203

[23]  سنن الترمذي ص948

[24]  جامع البيان للطبري 9/296

[25]  المسائل الكبرى ص206

[26]  صحيح البخاري (5000)

[27]  معرفة القراء الكبار ص125-126

[28]  المسائل الكبرى ص210

[29]  المسائل الكبرى ص213

[30]  فتح الباري 9/35

[31]  المسائل الكبرى 237

[32]  المسائل الكبرى 211

[33]  مسند أحمد ص1511

[34]  المسائل الكبرى 237

[35]  المسائل الكبرى 130-133

[36]  المسائل الكبرى ص212-213

[37]  المعرفة والتاريخ 2/85

[38]  السنن الكبير 4/633

[39]  فضائل القرآن ص201-202

[40]  المسائل الكبرى ص213

[41]  تهذيب التهذيب 3/165-166

[42]  مسند أحمد ص551

[43]  الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ص309

[44]  تهذيب التهذيب 2/662-663

[45]  المسائل الكبرى ص213

[46]  التهذيب التهذيب 1/157-158

[47]  القطع والإئتناف ص13

[48]  المكتفى ص132

[49]  المسائل الكبرى ص213

[50]  المسائل الكبرى ص58

[51]  فضائل القرآن للمستغفري 1/370

[52]  المسائل الكبرى ص91

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

You may use these HTML tags and attributes:

<a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>